لم تمض اكثر من عشر دقائق حتى سكنت صيحات الرعب والهلع وحل الهدوء.
ستاون الى هولز، كم تبقى لنا من الوقت الذي نستطيع فيه الأتصال مع بعضنا؟
بعد دقيقة من الصمت قال ستاون
- لقد انفجرت السفينة، هذا كل ما في الأمر، انفجرت السفينة..
- في أي اتجاه قذف بك الأنفجار ياستاون؟
- يبدو انني في طريقي للأرتطام بسطح القمر، فأنا اتجه نحوه.
- وأنا اتجه الى الأرض.. أعود الى الأم الكبيرة.. وبسرعة عشرة آلاف كيلومترا بالساعة، سأحترق كعود ثقاب.
شرد ذهن هولز، أحس كأنه قد غادر جسده، وراح يراقب نفسه وهو يهوي في الفضاء، وكأنه نــتفة ثلج سقطت مبكرة اول الشتاء.
كان البقية صامتين يفكرون بالقدر الذي قادهم الى هذا المصير، السقوط، وليس في ايديهم شئ يفعلونه لتغييره. حتى الكابتن كان صامتا، فلم تعد هناك أوامر يصدرها لينقذ الموقف كما في كل مرة.
انه طريق طويل الى الأسفل..آه انه طريق طويل طويل طويـ.....ل.
أعتقد انه ستامسون.. أهذا انت يا ستامسون؟
انه طريق طويل يا الهي انا لا احب هذا الطريق انا لا أحبه.
ستامسون.. هنا هولز.. ستامسون هل تسمعني؟
صمت الكل قليلا، وهم ينطلقون متباعدين عن بعضهم.
ستامسون هون عليك، فكلنا نواجه نقس المصير.
لا اريد ان اكون هنا، اريد ان اكون في مكان آخر.
لا بد بأن هناك فرصة.. وسنعثر عليها.
يجب.. يجب انني لا اصدق هذا، انني لا اصدق أي شيء من مما يحدث.
كان هذا هو أبلكيت الذي ضحك بأرتياح وبنبرة ساخرة ثم عاد يقول :
هيا، تعال وأغلق فمي ان استطعت.
شعر هولزلأول مرة بأستحالة ممارسة صلاحياته كقبطان للسفينة، فملأه غضب عظيم، لأنه كان في تلك اللحظة يتوق لفعل شيء لأبلكيت لقد كان يريد ان يفعل شيئا ما له منذ سنين، ولكن فات الآوان فأبلكيت الآن هو عبارة عن صوت في اشارة لاسلكية..
يبدو ان اثنين من الرواد قد اكتشفوا هول الأمر تواً، لذا بدأوا بالصراخ بفزع، كان الأمر كله يبدوا مثل كابوس مرعب، شاهد هولز احدهم وهو يطفوا في الفضاء قريبا منه وهو يصرخ ويصرخ.
كان الرجل يصرخ بجنون، ويبدو انه لن يكف عن صراخه وسيبقى هكذا لمليون ميلا طالما هو في مدى الأجهزة اللاسلكية، مسببا الأضطراب للجميع، وجاعلا الأتصال فيما بينهم مستحيلا، حاول هولز ان يصل اليه، بذل ما في وسعه حتى بلغه في النهاية وامسك به، كان الرجل يصرخ ويتقلب بعصبية وأهتياج ويتشبث كالغريق حتى بدى كأن صراخه يملأ الكون.
فكر هولز مع نفسه بأن هذا الرجل سيموت ان عاجلا او آجلا سواء بأصطدامه بالقمر او بأحد النيازك او بدخوله الغلاف الجوي للأرض فلمَ لا يموت الآن؟
لذا فقد رفع قبضته نحو وجهه وسددها اليه وبضربة فولاذية، حطم زجاجة خوذته فكف عن الصراخ.
دفع نفسه بواسطة الجثة، فأندفعت بدورها عنه وتركها تتقلب في مسارها المتهاوي.
سقوط مستمر و هولز و رفاقه راحوا في دوامة من الصمت.
لم يجب هولز ولكنه احس بحرارة تتدفق الى وجهه.
حسنا يا أبلكيت، ماذا تريد؟
لنتحدث، فليس لدينا ما نفعله غير ذلك
هذا يكفي، علينا ان نجد طريقة للخروج من هذا المأزق.
ايها الكابتن، لمَ لا تغلق فمك؟
لقد سمعتني ايها الكابتن، لا تتعامل معي برتبتك، فأنت الآن على بعد عشرة آلاف ميل عني ولا تدعنا نضحك من انفسنا فكما قال ستامسون انها رحلة طويلة الى الأسفل.
انه عصيان. وليس لدي ما أفقده، ان سفينتك سفينة مقرفة، وانت ايضا قبطانٌ مقرف واتمنى ان أراك وانت ترتطم بالقمر وتتحطم.
اصمت ! أنا آمرك ان تصمت حالا!
"استمر، هيا آمرني مرة أخرى بأن أصمت" قال أبلكيت مبتسما عبر عشرة آلاف ميل. وكان القبطان صامتا، بينما استمر أبلكيت قائلا بسخرية :
ماذا كنا نقول ياهولز؟ آه نعم تذكرت، انا أكرهك وانت تعرف ذلك منذ زمن.
ضم هولزقبضته ولكن دون جدوى، فقال أبلكيت:
وددت ان اخبرك بشيء سيسعدك، انا الذي عرقل انتخابك رئيسا لمؤسسة بناء الصواريخ قبل خمس سنين.
ومض شهاب في الجوار، نظر هولز الى جسمه، فوجد ان يده اليسرى قد بترت وبدأت الدماء تتدفق سريعة منها وفي الحال تسرب الهواء المضغوط من داخل بدلته، ولكن كان هناك مايكفي من الهواء داخل رئتيه ليتمكن من تحريك يده اليمنى لعمل عقدة بما تبقى من كُم البدلة الأيسر وأحكم العقدة قدر استطاعته فمنع التسرب.
لقد حدث كل شيء بسرعة خاطفة بحيث لم تواته الفرصة حتى للأندهاش فلم يعد هناك مايدعو للدهشة.
عاد الهواء والضغط اعتياديين للبدلة، والدماء التي كانت تتدفق من ذراعه المبتور قد تم السيطرة عليها بأحكام العقدة بالكم.
كل هذا كان يحدث وسط صمت الفضاء المحيط بهولز في حين كان الرجال الآخرين يثرثرون، واحدهم كان لسبروهو يتحدث عن زوجاته على كواكب المشتري والمريخ والزهرة وعن ثروته وأوقاته السعيدة. وعن سكره وعربدته ومغامراته و..و..و.
بينما كان الجميع يهوي ساقطا الى مكان في الكون كان لسبر يستحضر صورا من ماضيه، وكان يشعر بسعادة غامرة وهي تمر في ذاكرته رغم سقوطه الى حتفه.
كان ذلك شيء غريب، آلاف الأميال من الفضاء تتعالى في مركزه تلك الأصوات، ولا أحد مرئيٌ منهم على الأطلاق، ماعدا موجات الراديو اللاسلكية التي كانت تتردد في الفضاء حاملة اصواتهم مثيرة غضب بعضهم على البعض الآخر.
كنت تريد ان تكون في القمة طوال عمرك يا هولز، كنت دائما تتساءل عما كان يحدث لك. لقد وضعت عليك العلامة السوداء قبل ان انحّي نفسي خارجا. ولم يكن ذلك ذا اهمية فعلا. كل شيء قد انتهى.
عندما تنتهي الحياة فأن الأمر يكون اشبه بعرض سينمائي سريع يظهر فورا على الشاشة فتتكاثف فيه العواطف والميول دفعة واحدة لتضيء الشاشة فترة من الزمن. وقبل ان تصرخ:"هناك يوم سعيد ويوم تعيس، هناك وجه للخير ووجه للشر" يحترق الفلم وتظلم الشاشة.
كل مايتمناه الآن هو ان يبدأ حياته من جديد، ان يعود ليبدأ حياته من جديد، هل يشعر جميع الأموات بهذا الشعور؟ وكأنهم لم يحيوا ابدا، هل تبدو الحياة بهذا القدر من الأختصارحقا؟ انها تنتهي حتى قبل ان تأخذ نفسا، هل تبدو هكذا لكل انسان؟ مباغتة ومستحيلة أم انها تبدو هكذا بالنسبة له فقط؟
والآن لم يتبق له إلا بضعة ساعات يشاور فيها نفسه، تحدث لسبر قائلا :
حسنا، لقد عشت اوقاتا اكثر سعادة من أي انسان، فأن لي زوجات عديدات على المشتري والمريخ والزهرة ولكل منهن ثروة كبيرة وهن يعاملنني بكل حنان وحب، كما انني كنت دائما أشرب حد الثمالة ، ومرة قامرت بعشرين الف دولار.
" ولكنك الآن هنا يا لسبر وليس لديك أي شيء من هذا القبيل.. كنت أغار منك وأحسدك وعندما كنت احيا حياة لها غد كنت احسدك على نسائك واوقاتك الهنية، فلطالما كنت اخشى النساء فكنت اهرب الى الفضاء. كنتُ دائما ارغب بهن واغار منك لأنك تمتلكهن، وتمتلك الثروة.. ولكنك الآن تسقط وحيث ان كل شيء قد انتهى فلم أعد اغار منك بعد الآن..فالآن انتهى كل شيء بالنسبة لك كما انتهى بالنسبة لي ،.في هذه اللحظة اصبح كل شيء كأنه لم يكن أبدا.."
قدم هولز وجهه الى الأمام وصرخ عبر الهاتف :
احس هولز بالوضاعة فلقد آلمه ابلكيت قبل لحظات وهو الآن يريد ان يفرغ ألمه في شخص آخر.
ابلكيت والفضاء كل منهم سبب له جراحا وآلاما.
لسبر، لقد انتهى كل شيء، يبدو وكأن شيئا لم يحدث أليس كذلك؟
هل تحيا حياة أفضل مني الآن؟ ماذا تساوي حياتك الآن أهي أفضل من حياتي؟ هل هي كذلك؟
لقد حصلت منها على ذكريات حلوة، انني اتذكرها على الأقل
صرخ لسبربهذه الكلمات بصوت متلاشي، متمسكا بذكرياته في صدره بكلتا يديه وكان على حق. فمع الشعورِ بمياهٍ باردةٍ صُبت على رأسه ورجليه عرف هولز بأنه على حق فيما يقول هناك فرق بين الذكريات والأحلام فهو لا يملك إلا أحلاما عن أشياء أراد ان يفعلها بينما لسبر له ذكريات لأفعال حقيقية انجزها.
فهذه الحقيقة راحت تمزق هولز تمزيقا فصرخ على لسبر :
ما الخير الذي تفعله لك الذكريات الآن؟ عندما ينقضي أمر فلن تعود له أهمية، ان حالك الآن ليس بأفضل مني.
انني اتوصل الى الشعور بالراحة بطريقة أسهل. لقد كان لي دورٌ في الحياة، فعلى الأقل انني لم اصبح وضيعا مثلك في النهاية.
ادار الكلمة على لسانه، فهو لم يكن وضيعا في حياته من قبل حسب ما يتذكر ولم يسع الى ذلك، فربما كان يوفر ذلك ليوم كهذا، دحرج الكلمة خلف عقله، ولم يشعر إلا والدموع قد أغرقت عينيه وتدحرجت على وجهه، تمنى لو يسمعه أي شخص.
انه شئ تافه فقبل بضع دقائق كان يسدي النصائح للآخرين والى ستامسون، كان يشعر بالشجاعة في نفسه لأنه يحس بأن الشجاعة هي خصلة من خصاله، والآن فهو يعرف بأن ذلك ماهو إلا صدمة، وخلال الصدمات يكون الشخص اكثر موضوعية، والآن يحاول ان يكثف حياته كلها في لحظات.
انا أعرف كيف تشعر يا هولز
اصبحت المسافة التي تفصلهم عن مركز الأنفجار عشرين ألف ميل وقد أصبح الصوت ضعيفا فقال :
انا لا آخذ الأمور على نحو شخصي.
ولكن ألسنا متساوين؟ أنا ولسبر؟ هنا والآن؟ ان كان كل شيئ قد انتهى فما الفائدة؟ انك ستموت على اية حال.
ولكنه كان يعرف بأنه متعقل لأن الأمر كله كان يبدو له كمن يقارن انسانا حيا بجثة، فهناك نبضة حياة في احدهما لا تتوفر في الآخر.هالة..عنصر غامض.. هكذا الأمر مع لسبروهولز فان لسبر عاش حياة طيبة متكاملة جعلت منه الآن رجلامختلفا اما هو هولز فأنه ليس أكثر من رجل ميت منذ سنين.
انهم الآن يقتربون من حتفهم على طريقين مختلفين، ومع كل أوجه الشبه في ميتتهما ان كان هناك انواع من الموت فنوع ميتتهما سيكون مختلفا كأختلاف الليل من النهار.
نوعية الموت تشبه تلك التي للحياة، يجب ان تكون على درجة غير محدودة من التنوع وان كان لأي أمرءٍ ــ مات سابقا ! ـ ان يختار فما الذي سيبحث عنه لكي تكون ميتته أفضل في المرة القادمة، كما هي الحال الآن مع هولز؟
اكتشف هولز فجأة بأن قدمه اليمنى قد قطعت وانفصلت عن جسمه هي الآخرى، مبتعدة عنه في الفضاء.لقد جعله ذلك يضحك، تسرب الهواء من بدلته مرة أخرى، وبسرعة انحنى الى قدمه المبتورة، كانت الدماء تتدفق منها فالنيزك الذي ضربها قد أخذ معه الجلد وقماش البدلة حتى الركبة.
آه..ان الموت في الفضاء شيء مثير للضحك، يقطعك قطعة قطعة وكأنه جزار خفي.
أحكم هولزاغلاق الصمام في ركبته، بدأت رأسه تؤلمه وشعر بدوار قوي، وجاهد لكي يبقى يقضا.
وبأغلاق الصمام توقف تدفق الدماء، وعاد الهواء الى البدلة من جديد، فبسط جسمه وهو مستمر في السقوط، فهو لا يمتلك شيئا يفعله غير ذلك.
اجاب هولزبأيماءة من رأسه المرهق، فلقد اتعبه انتظار الموت.
انها طريقة سيئة للموت، لأنها تخرج أحشائك،..اسمعني يا هولز
لقد كذبت عليك قبل لحظات، لقد كذبت، فأنا لم أعرقل انتخابك، ولا أعرف لماذا قلت لك ذلك أعتقد بأنني أردت أن أؤلمك بكلامي، ولكن يبدو بأنك انت الذي آلمني. كنا دائما نتشاجر، يبدو بأنني أهرم سريعا، وأندم سريعا، أعتقد بأن أستماعي لأعترافك على نفسك قد أشعرني بالخجل، ومهما تكن الأسباب فأنني أردتك ان تعرف بأنني أنا أيضا أحمق.. وليس هناك ذرة من الحقيقة فيما قلته لك، تبا لك.
شعر هولز بأن قلبه قد بدأ ينبض من جديد، وكأنه كان متوقفا، ولكن الآن بدأت الحياة تدب في جميع أوصاله، وقد عاد اليها لونها ودفئها من جديد، الصدمة قد انتهت ونوبة الغضب والشعور بالوحدة قد مرت، شعر وكأنه خرج توا من حمام بارد في الصباح وانه يستعد لتناول فطوره ومواجهة يوم جديد، فقال بأرتياح :
عفوا..رغم أنفك، أيها الـ...
.أجابه لأنه يعتبره أفضل أصدقائه من بين الجميع.
أنا الآن قد دخلت وسط دوامة من النيازك انها صخور حجرية ومعدنية صغيرة
نيازك؟..اعتقد انه عنقود النيازك الميرميدونية التي تمر قرب المريخ وتتجه صوب الأرض مرة كل خمس سنين.
انا الآن وسطها بالضبط انها تشبه النظر داخل ناظور زخارف عملاق (المشكال)، انك تحصل هنا على مختلف الأشكال بمختلف الألوان والاحجام..يا للروعة انه منظر بديع يا لتلك المعادن..
صمت وبعد لحظات عاد يقول :
انا ذاهب معها.. انها تأخذني معها..انني هالك لا محال..
قال هذا ثم ضحك. نظر هولز الى اتجاه ستاون ولكنه لم ير إلا الفضاء.. ولكن هناك بعيدا.. يسبح صديقه ستاونمع دوامة النيازك.. يرحلان سوية الى الأبد.. ويتزخرفان سوية بألوان كألوان المشكال..
قال ستاونوقد اصبح صوته خافتا جدا :
انتقل الصوت الى ستاونعلى مسافة ثلاثين الفا من الاميال فأجابه بسخرية :
ضعفت جميع الأصوات، فكل منهم كان ينطلق كقذيفة، وكل منهم كان ينطلق الى هدف حدده له قدره، بعضهم الى المريخ وبعضهم الى القمر وبعضهم الى اعماق الفضاء.. أما هولز فأنه ينظر الى الأسفل.. هو وحده لديه اسفل اذا كان الأسفل يعني .. الأرض..فهو وحده من بين جميع رفاقه كان يتجه عائدا الى الأرض.
وداعا يا هولز.. أصبح صوت ستاون اشد خفوتا الآن.. وداعا
اصبح هولزالآن وحيدا وهو يسقط، وكذلك الباقون، كل منهم اصبح وحيدا، اصواتهم تلاشت وأصبحت مجرد أصداء لكلمات آتية من أعماق الفضاء.
كان الكابتن يتجه الى القمر وهاهو يقترب، ويدور ستاون وسط دوامة النيازك وفي اتجاه المريخ ذهب ستامسون بينما كان ابلكيت يتجه الى بلوتو واتجه الباقون وهم سمث و ترنر واندروود الى اعماق الفضاء.. كلهم يكونون صورة كبيرة واسعة وحية في داخل مشكال عظيم.. صورة اجزاؤها تتباعد وتتباعد.
وانا؟ تساءل هولز ماذا استطيع ان افعل؟ هل هناك ما بوسعي ان افعله لحياة فضيعة وفارغة مثل حياتي؟ لو انني استطيع ان افعل شيئا واحدا جيدا من اجل ان امحو عني صفة الوضاعة التي تغلغلت في داخلي طوال تلك السنين والتي لم اكن اشعر بها وهي تنمو ابدا.
ولكن لا احد غيري هنا، فكيف تستطيع ان تفعل شيئا طيبا وانت هنا بمفردك وستنتهي بعد قليل؟
مساء الغد سوف ادخل الغلاف الجوي للأرض وسأحترق كأي شهاب صغير يومض لفترة جزء من الثانية.. سأستحيل الى رماد يتطاير على قارات الأرض..لا فائدة منه لأي أحد، فالرماد هو الرماد..سيعود الى تراب الأرض.
تهاوى متسارعا نحو الغلاف الجوي للأرض كالرصاصة..كالفقاعة..ككتلة من الحديد، انه الآن ليس سعيدا انما موضوعيا..انه يتمنى ان يفعل اي شيء طيب مهما يكن صغيرا لأي أحد.. فلقد انتهى كل شيء.. يجب ان يفعل شيئا حتى ولو امام نفسه ليثبت لها انه فعل شيئا طيبا لأيٍ كان..
عندما ألامس الغلاف الجوي سأستحيل الى شهاب.ترى. هل سيراني أحد؟
في ليلة رائقة وعلى طريق ريفي نظرت الأم الى السماء المرصعة بالنجوم، ولم تستطع عيناها اللحاق بمشهد سقوط النجمة البيضاء المتوهجة كاملا التي اضاءت منطقة صغيرة من السماء وانما على آخر انطفاءتها..فهتفت مغتبطة موجهة هتافها الى طفلها ذو السنين الستة الذي يصحبها متبعة التقليد الذ يتبعه الناس عادة عند رؤية شهاب في السماء :